مقدمة لابد منها:
عدنا و لا إيه؟ و لا إيه
مبدئياً خلينا نتفق التدوينة دي ملهاش أي ثلاثين لازمة و لا أهمية. أهميتها بتُكتسب من أهمية كاتبها، و اللي هو أنا. و بما أنني –زي أي إنسان- ملناش قيمة و على رأي مسلسل نتفلكس "الحب .. الوت .. الروبوتات" إحنا مجرد غازات بريحه وحشة في المجرة، فالتدوينة و صاحبها ملهومش قيمة بالتبعية. ثانياً، أنا ترتكت المجال اللاهوتي بلا أي رجعه و مش ناوي أرجع له، لمليون سبب. لكن أنا بكتب ببساطة لأبني. عشان لما يشوف الخراء الفكري أو بتعبير دكتور مايكل بيرد "الإستمناء العقلي" اللي موجود على الساحة اللاهوتية العربية عموماً و المصرية خصوصاً، يشوف أن فيه بديل في الفضاء الإلكتروني. كلامي لا هو بيفرق في حد و لا عاوزه يفرق في حد. أنا مش مصلح إجتماعي و لا مصلح لاهوتي أنا موظف كحيان (أنت كحيان يا محمد) ساكن في بلد كحيان في قارة أفريقيا الكحيانة، زيي زيي مليارات على خط الفقر و هينزلوا مع كل تعويم للجنبة. ثالثاً: أنا مش لاهوتي و لا معلم، و لا مصدر للعلم و المعرفة. أعتبرني بودكاست لكن مقروء. في وسط ملايين المدونات و المواقع . أنا ببساطة واحد عندي كيبورد و وصلة نت و مدونة ببلاش. عاوز تتعلم لاهوت روح لأي مكان في الكوكب غير المدونة دي. كده أتفقنا على المقدمات.
إمبابة:
سمعت زيي زي ملايين عن حادث كنيسة
إمبابة و اللي انتي بوفاة 41 شخص منهم أطفال. و أنا زي ما قلت مش مهتم بايه الكلام
اللاهوتي اللي بيتقال وراء كل حادث أو مصيبة. بس المرة دي كانت مؤلمة شوية بشكل
شخصي. سمعت في الأول كلام عن "أين ذهبت الذبيحة؟". و عادي قولت يا واد
يا عماد طنش خالص ملناش دعوة يا موحي. بس بعد كده سمعت حد بيشاركني بالقصة و
بشهادة حد من شهود العيان و كان إختفاء الذبيحة نقطة إعجاب!. المشكلة عندي ظهرت
أني زي ما قلت أنا "أب". فهويتي أتغيرت بميلاد أبني. بقى عندي صراعات
تانية و إهتمامات ثانية. بس النقطة اللي أنا متأكد منها، أني لو كنت أنا اللي فقدت
أبني و جاء حد قال ان الذبيحة أختفت، كنت هسب له الدين قولاً واحداً و بظهر ايدي
هديله بالقلم على وشه قلم خدامين و هذكر والده و والدته بأبشع الألفاظ! لأسباب واضحة
و لو مش مفهومة أقفل/ أقفلي التدوينة و متضيعوش وقتكم. أنا الجزء اللي جاي هشرح
أنا شايف أيه الكارثة المتعلقة بالخطاب اللاهوتي في الكلام ده.
لاهوت المحرقة:
بعد الحرب العالمية الثانية. و تبرير
كثير من المسيحيين و اللاهوتيين للعنف و الحرب و خصوصاً العنف و قتل اليهود، حصل
تغيير في الفلسفة و اللاهوت و الدراسات الكتابية. بقى فيه نقد لفلسفة الحداثة، و
الدراسات الكتابية ركزت على الجانب اليهودي للكتاب المقدس و اللي طلع منها الموجة الثالثة من الفرع المعرفي المعروف "بالبحث عن يسوع التاريخي" و اللي اتسمت بالبحث"البحث الثالث". اللي يهمني أن في اللاهوت ظهر
لاهوت أسمه "لاهوت بعد أوشفتز" أو "لاهوت المحرقة". ببساطة اللاهوت ده بيتأمل في
المحرقة و أين الله في المحرقة و إزاي فهمنا عن طبيعة الله بعد المحرقة دي –بما إنها
من أبشع الحاجات في الحضارة الغربية- و إزاي الصليب يساعدنا على التعامل مع الآلم و
إحتجاب الله في الكوارث. ممكن نقول اللي جه بعده كلام عن أن "الله
المتألم" أو تحديداً إختبار الله للألم في طبيعته الإلهية زي عند اللاهوتي
البروستانتي مولتمان مثلاً (طبعاً ده تلخيص مخل للموضوع بس عشان نبقا مع بعض على
نفس الصفحة). المهم، سؤال من الأسئلة اللي بتتسأل هو "أين الله في
أوشفتر"، كانت إجابته "إنه مُعلق". فالعالم شاف مع الأزمة دي أن
الله في تماهي/ اتحاد مع البشر في المحرقة (كلمة "أوشفتز" هو واحد من
المعسكرات النازية و كلمة "المحرقة" عشان فيه 6 مليون يهودي اتحرقوا).
فالله في التصور المسيحي بيتحد مع البشر في الهم و العيشة الهباب و الأوجاع. ده
خلاني أتأمل، هل الله هيسيب أطفال صغيرين، بإبتسامة رقيقة، بأحلام كبيرة، بعيون
مليانة شغف و حب و خيال، بمشاعر واضحة مفبهاش تجميل أو نفاق، بمشاكل تبان لينا ككبار هبلة و عبيطة و يهرب و يختفي؟! هو السؤال عن إحتجاب الله وقت الألم و الكوارث و
عدم تدخله معقد بما فيه الكفاية –على الأقل ليا شخصيا- بس هل حتى تجليه و حضوره في
الإفخارستيا هيهرب عشان يحافظ على نفسه؟! إجابتي و إيماني: حاشا!!
أيوة إله المسيحية ضعيف!
هل يسوع هرب من على الصليب؟ طيب لو
كان مهربش و إحنا مؤمنين إنه حاضر في اإفخارستيا. هل نفس الشخص هيهرب لما تيجي
شوية نار عشان خايف على نفسه! لو اللي حاضر على المائدة هو عمانوئيل، هو نفسه اللي
اتصلب من 2000 سنة، نفس الشخص نفس الطبييعة الإلهية المتجسدة لله الكلمة. نفس
الشخص يسوع الناصري. يبقى إستحالة يهرب. يسوع بتعبير ميليتيوس أسقف ساردس
"ذبح الموت" و بتعبير الكنيسة القبطية "أبطل الموت و أهانه".و
بتعبير لحن اومونوجينيس "قدوس القوى الذى اظهر بالضعف ما هو اعظم من القوة".
أيوة إله المسيحية بمنطق القوى و الرسامالية و السلطة اللي في عاملنا ضعيف! هو بيعيد تعريف معنى القوة بطريقة مختلفة. القوة عنده في البذل. القوة عنده أنه يكون
كبش فداء و ذبيحة مش شخص بيذبح. بلغة الأنثروبولوجيست رينيه جيرار هو بيبقى كبش فدى عشان يقضى
على نظام العنف اللي موجود فينا. و فيه جانب ثاني و هو أن يسوع مش بس بيعيد تعريف
القوة لكن بيعيد تعريف الرجولة/ الذكورة و اللي بتشمل فيها القوة و السلطة. في داسة لدكتور بريتاني
ويلسون بتتكلم أن يسوع أزاي مكنتش ينفع يتحط في الإطار بتاع الذكورة في القرن
الأول في الثفافة اليونانية- الرومانية. يعني كان راجل مش كامل الفحولة بلغة القرن
الأول. يعني الراجل في القرن الأول كان عنيف، و متسلط و مش كاريزماتي و يسوع عكس كل الصفات دي. د. بريتاني
بتوصل للإستنتاج أن يسوع بيعطل مفاهيمنا المُسبقة بخصوص مفاهيم زي الذكورة.
فببساطة يسوع بيعيد تعريف كل حاجة متعلقة بالقوة، السلطة و الذكورة.
نزول المسيح للجحيم:
عنصر مهم من عناصر قانون الإيمان
هو أن يسوع نزل للجحيم عشان يحرر الأبرار من قبضة الشيطان. و كأن فيه حرب كونية
بين الله و الشيطان/ الشر. الله بينزل لمكان الأزمة و يبهدله و يكسره و يخرج البشر الأسرى.
كأنه مشهد هوليوودي رومانسي اللي فيه البطل بيكسر السجن و يحرر المحبوبة (طبعاً
آسف لو فيه تنميط جنسي ذكوري في التشبيه). أثناسيوس له تعبير –من الذاكرة- أن المسيح ترك
الجحيم مهلهلاً. ببساطة يسوع كسر السجن و حرر البشر. بس نزل للسجن الأول، نزل لمكان
الأزمة. مسبش البشر تحت. تجسد و أخذ طبيعة بشرية كاملة عشان يخلص الطبيعة البشرية
كلها. نزل للجحيم عشان يحرر الأرواح، و وعد أن فيه قيامة من الموت عشان كمان الجسد
يتحرر. ببساطة التصورالمسيحي مش بيسمح لتصور أن الله يسيبنا و يهرب عشان يحافظ على
الذبيحة!
الحديث عن الله:
"الإنسان هو
ما يأكل"
Rubish in .. Rubish out
اللي فارق معايا مش أنت مؤمن بإيه
و مش مؤمن بإيه. كل واحد حرن اللي عاوز يصدق بالأطباق الطائرة (مثلي كده) أهلا بيكم.
لكن ببساطة الدين إطار للتفكير. لو أنت قدام كارثة و موت، و كل اللي بتفكر فيه هو إزاي ربنا
يحفظ نفسه، يبقى فيه مشكلة من وجهة نظري. اللي أنا فهمه من المسيحية أن الله في
المسيحية بيعطي لك الوسيلة اللي تتخانق معاه، بيقول قولي "إلهي إلهي لماذا
تركتني"، قول له "إلى متى يا رب تنساني إل الإنقضاء ... حتى متى تحجب وجهك
عني"، و هو نفسه اللي بيقولك لك تقوله "الرب راعي فلا يعوزني شيء". فهمي الشخصي للتصور المسيحي أنه بيخليك تبقى سوي، تضايق و تتخانق مع الله و في عمق القرف اللي
بنعيشة نقوله أنا واثق فيك. لو فيه طفل مات قدامك و أنت بدل لما تعيط و تثور على
الله و الحياة و تضايق و تسكت شوية و كل المشاعر اللي طبيعي تحسها يبقى غيه مشكلة. لو هدفك تطلع عقيدك سليمة، يبقى فيه
مشكلة. الإنسان لو بياكل أكل صحي هيبقى في صحة كويسة لو بياكل زباله هيتحول لمقلب
زباله (اللي شغال في تحليل البيانات أكيد عارف الجملة دي). لو الحديث بتاعك مش
عارف يخرج من تبرير معتقدك يبقى هنيئاً لك، هتتحول لمسخ قريب.
أخيراً حتى لو شهد شاهداً:
السؤال بقى هل فيه شاهد عيان قال
أنه شاف الذبيحة بتطلع فوق للسماء او بتختفي هصدقه؟ قولاً واحداً لا! لا! لا! الله
مش محتاج يعمل كده، مفيش حاجة بتقول أنه يعمل كده. هو طريقته بيعالج المشكلة مش
بيهرب منها. هو لما كان في بطن العذراء كان حوليه دم و ده كان في البيئة بتاعته
نجاسة و هو متنجسش. السيدة اللي كان عندها نزيف دم، منجستش المسيح لكن أخذت منه
قوة. على الصليب المسيح مبقاش نجس هو أعطى الخشبة قوة حياة. المسيح لما اتجسد و
أخذ جسد و روح عشان يحررنا، هو حررنا و إحنا إتقدسنا به و فيه. أخيراً، الأيمان
يببساطة عكس العيان. محدش مؤمن بالشمس، أنت شايفها. لو الإفخارستيا تحت المكرسكوب
بتبقى لحم و بتختفي في الكوارث فين الأيمان في الموضوع. فين مغامرة الإيمان!
الذبيحة راحت فين؟! بميل إنها في الأغلب اتحرقت.
هل الذبيحة النار أكلتها؟! في الأغلب! الأكيد هو أن يسوع المسيح
الملك فضل مع الضحايا لأنهم حته منه.
حابب انهي بصلاة شخص متشكك.
عزيزي الناصري، كيف حالك؟ لم أعد أكتب إليك شيئاً مجدداً. عزيزي، أريدك أن تعلم أن السأم و الملل يقتل الحب. العوز و الإحتياج يقتل الحب. الظلم و القهر يقتل الحب. نعم أتحدث عن مشاعري تجاهك! فأعذرني على كفري و إلحادي. لقد سأمت صمتك، سأمت البشر الذين خُلقوا على صورتك. أريد أن اشاركك بقصة شاهدتها على إحدى المنصات تُدعى نتفلكس. هذا المسلسل هو يقع في فئة تُدعى "بالأنمي". الصراع كان بين آدم و زيوس. زيوس كما تعلم هو إله الآلهة و رب الأرباب، أما آدم فهو رأس الخطيئة و المعصية. زيوس يمتلك قوة الإله، أما آدم فكان يمتلك قوة سحرية. كانت الحلبة مُعدة ليكون الصراع بين آدم و زيوس، و كلما حاول زيوس أن يضرب آدم كان آدم يتفادى ضربته بل و يضربه بنفس القوة تلك. هل تعلم لماذا؟! كما قلت لك آدم عنده قوة سحرية تُدعى الصورة و المثل، فهو يقلدك في كل شيء.! آسف، أعذني فهذا خطأ في الكتابة. أقصد آدم يقلد زيوس في كل شئء. كان آدم غاضباً من زيوس لأنه صدق الحية و طرده من الجنة. لا أستطيع أن أكشف لك نهاية المعركة، و لكنني أدعوك لتشاهدها معي في حالة أن وقتك يسمح. و لكن طول الصراع بين آدم و زيوس كنت أرى في عيني آدم الغضب و السأم منك، أعذرني مجدداً يبدو أنني لما أنم البارحة جيداً. اقصد السأم من زيوس. أنا أيضاً يا سيد أشعر بتلك المشاعر عينها. أليس أن من خلق البشر؟! أليس أنت من دعوتهم لتأسيس الملكوت؟! أليس أنت من راهن عليهم بكل ما يملك؟! لكن كان رهاناً فاشلاً يا عزيزي. فشل رهانك في و في غيري. و ها نحن نلهث لنعيش، نجري صباحاً و مساءً لنقتات الفتات. لا يوجد معنى و لا يوجد هدف. على الرغم من ذلك كله، أريد يا سيد أن أعبر عن أمتناني لك. أنا ممتن لأنك لم تهرب من على الصليب، ممتن لأنك قبلت سخرية عائلتك، قبلت سخرية المجتمع. أثق أنك لم تهرب في حادث إمبابة و لا أي كارثة بشرية أخرى. أؤمن أنك تبغض النهايات السوداء. أعرف أنك مالئ الكل و يزداد حضورك شدة في أماكن الضيق و الآلم. و لكن يبدو أنك من وضعت قواعد اللعبة، و يبدو أن القاعدة الأساسية هي أن الوجود محنة و صليب. و يجب أن نحمله في جميع الأحول. أطلب منك أن تقلل من وطأته على من خارت قواه. فعلى الرغم من أننا مشروع فاشل، إلا أننا مشروع يستحق بقليل من الرفق يا سيد.
No comments:
Post a Comment