Tuesday, June 30, 2015

الثالوث: الموسيقى، الأسرة و العنف ضد المرأه: مدخل صغير جداً


اللغز اللي بدون حل

طبعاً من أكثر العقائد اللي انتقدت في المسيحية هي"عقيدة الثالوث"، و هي برضو أكثر عقيدة اتفهمت غلط، أو أكثر واحدة مش مفهوم، لغز عند البعض ، السؤال اللي بيفضل قدامنا، هو ربنا -لامؤاخذه - كشفهلنا عشان يعقدنا و يقرفنا و لا كان عنده أسباب أنه يكشفها لينا؟، عشان نكون متفقين، أي عقيدة في المسيحية ليها تأثير على حياتنا الشخصية، على دماغنا و عقلنا و فكرنا، على وجودنا، مفيش عقيدة كده موجودة عشان تتحفظ و تتسمع و نمتحن فيها في اليوم الأخير، بالبلدي العقيدة جُعلت لأجل الانسان لا الانسان لأجل العقيدة، في التدوينة ديه ححاول أقدم مدخل صغير جداً للعقيدة


شوية مصطلحات عالماشي

بصوا عشان نكون متفقين احنا مش حنستخدم لا مصطلحات يوناني و لا قبطي، حنكلمكم -لامؤاخذة- بالعربي، بس لازم نفرق بين تعريفين في الفلسفة في السريع ، الأول: يعني ايه "فرد" و الثاني يعني ايه "شخص"، بالبلدي و في الانجاز، "الفرد" ده تعريف للكائن المنعزل عن العلاقات أو في حالة من الانانية و السكون و عدم الحركة، او ببساطة بص/ بصي حوليكم، حنلاقي ايه، شوية كائنات بيسموهم بشر عمالين ياكلوا في بعض عشان تعيش و تدوس على بعض عشان تحقق كيانها، هما بيتحركوا لكن بيتحركوا حركة ملهاش معنى، حركة بتصاحبها الموت و الأنانية، المصطلح الثاني "شخص" الشخص ده الكائن اللي وجودة مرتبط في علاقته بالآخر، هو كائن فيه حركة و حياة، فيه ديناميكا، يعني مثلاً لو زوج و زوجته عايشين ف علاقة حب و بيتكلموا مع بعض و بيشاركوا مشاعرهم و بيضحكوا مع بعض و بيبكوا مع بعض و بيمارسوا الجنس كعلاقة حب، هما عايشين "أشخاص" و لما بيعيشوا بيخبوا على بعض و بيدايقوا و يعتدوا على بعض و بيمارسوا الجنس كنوع من الممارسة الحيوانية بدون أي علاقة حب (على سبيل المثال كريستايان اللي في فيلم 
،( fifty shades of grey
 بيبقوا "افراد"، التفريق ده موجود في الفلسفة و ده زتونة الزتونة
وجه البشرية المُعاصر الأكثر ظلاماً يكمن هنا: في النزعة إلى خلق أنظمة إقصاء (إقتصادية و سياسية و ثقافية و دينية)... استاذ اللاهوت كارسيانو فيدال
!الله واحد في ايه؟
بالحقيقة نؤمن بإله واحد ... قانون الإيمان
هو لا أين و لا كيف له،و هو في كل النواحي لا يزول، جل ذاتاً و صفاتاً و سما و تعالى قدره عما نقول .... على الهلباوي
نيجي لسؤال مهم، هل الله واحد?، كلنا حنقول اه، طبعاً، أكيد، بس فيه واحد اسمه "أبو رائطة التكريتي" اسمه عنيف حبتين معلش، الراجل ده كان لاهوتي عربي و بيدافع عن الإيمان، كان بيتحاور مع المسلمين في عصره، الجميل اللي هو قاله أن الله مينفعش يكون شخص واحد "حسابياً" (يعني رقم 1) ليه؟!، حجته كالتالي: لو جيت سألت أي واحد "هو أنت كام شخص؟" حنقول "شخص واحد حسابياً"، طيب الله "ليس كمثله شئُ قط" ، او زي ما على الهلباوي بيقول فوق "تعالى قدره عما نقول"، إزاي يبقى الله زينا في وحدانيته!!، نفس الكلام يتطبق على الحب الغير مشروط بتاع الله ، احنا منعرفهوش عشان احنا اسمى علاقتنا هي مشروطة بشكلٍ ما، وجود الله نفسه مختلف جداً عن وجودنا لاننا فعلاً مش فاهمين يعني ايه "غير محدود" أو "لا يحده وجود"، نفس الكلام على "أزلية الله"، "أبدية الله" ... إلخ، ببساطة الله مفيش حاجة زيه خالص، لغتنا هى عاجزة جداً عن التعبير عن الله، منها لفظ "واحد"، طيب دلوقتي أحنا لغينا فكرة إن الله شخص واحد "حسابياً"، طيب هو واحد إزاي ببرضو؟! ممكن نقول "كيان واحد في ثلاث أشخاص"، طيب إزاي يبقى ثلاث "أشخاص" و "كينونة واحدة"، إزاي كذا شخص يبقى عندهم كينونة واحدة! مفيش حاجة اسمها كده في الوجود المخلوق بتاعنا ، بس نرجع لنفس النقطة، مفيش حاجة في المجتمع البشري الفاسد اللي مليان "بالأفراد" زي كده، لأن الثالوث متسامي عننا، الآب و الابن و الروح القدس هم "أشخاص" متحدين في نفس الكيان، احنا وجودنا البشري فيه لحظات قليلة فيها الاتحاد بيننا بيكون قوي جداً لكن مش زي الثالوث برضو، مثلاً ناخذ مثالين، الأول اثناء العلاقة الجنسية، الراجل و الست بيبقوا في حالة اتحاد و هارموني بين الاجساد على مستوى قوي لكن في نفس الوقت هو محدود و مش كامل و مش دائم و لا بيستمر لوقت طويل، و المثل الثاني هو الأم الحامل اللي بتشيل ابنها في جسدها 9 شهور، و ده اتحاد في الوجود الجسدي و طويل بس مش بيستمر اكثر من كده، كثير اوي لما بنحب حد بنحب نبقى "معاه"، "جواه"، "نلزق فيه"، لكن في وجودنا البشري دايماً فيه أنانية في علاقتنا، فحتى لو اتحدنا بحد، احنا المحرك الرئيس للعلاقة هو أولا "أنا" و ثانياً "أنا" و ثالثاً "أنا" ممكن يجي "الآخر" رابعاً أو خامساً، فعلياً مش بنعرف نخرج من أنانيتنا ومحدوديتنا الجسدية، فحتى لو كان الاتحاد بيننا على مستوى الفكر و الرؤى و الهدف، إلا ان ذواتنا بتفضل حاجز بينا من أننا نتحد "كلياً"، نلاقي عكس الكلام ده في العلاقة بين الثالوث اللي المحرك الأساسي فيه هو "الآخر"، فيالثالوث الثلاثة أشخاص بيشتركوا في كيان واحد، في فكر واحد، العمل واحد، مع الأحتفاظ بالتمايز بين شخصية كل واحد فيه، كل شخص ليه دور و فيه علاقة بينهم، طبعاً انتَ/ أنتِ مش متخيلين كده، ده طبيعي احنا تخيلتنا بتنبع من البيئة و الحياة المخلوقة لكن الله "ليس كمثله شئ قط"، حاول تشرح أي حاجة في الله ، حتلاقي الككلمات تعجز عن التعبير، حتلاقي أن كل شئ أنتَ/ أنتِ لا تتوقف عن إدراكه، كل يوم بتتعلم حاجة جديدة عن الله،.
فوحدة الله إذن بالنسبة إلينا نحن المسيحيين، شئ يختلف عن الوحدة الحسابية، و عن فكرة العزلة و الأنفصال، فأي فكرة من هاتين الفكرتين تنقص من شأن الإله، الله واحد، و لكن ليس مجرد وحدة. هو الإله الواحد، و لكنه ليس المنعزل المنفصل ... حبيب سعيد 
 لاهوت البريخوريسس أو الحركة الديناميكية داخل الله الثالوث، الرقصة الإلهية/ الرقصة السماوية/ لاهوت الرقصة
الله محبة، و الموسيقى لغة المحبة، فالموسيقى إذاً لغة الله... الفيلسوف بيتر كريفت
"ليس الله في المسيحية شيئاً لا-شخصياً و لا شيئاً ساكناً و لا حتى مجرد شخص واحد- بل هو نشاط حيوي نابض: حياة أو حتى دراما من نوع ما. و أكاد أقول، إن كنت لن تحسبني عديم التوقير. إنه نوع من الرقص.... إن نموذج هذه الحياة الثلاثية الأقانيم هو النبع العظيم للطاقة و الجمال متدفقاً من قلب الحقيقة بالذان".... سي. اس. لويس

بصوا لما بتتفرجوا على راجل و ست بيرقصوا على موسيقى راقية و الرقصة حلوة، لازم يكون فيه عناصر مهمة عشان الرقصة تتحقق، مثلاً الراجل و الست فيه بينهم مسافة مناسبة، كل واحد منهم ليه دور مفيش محدد، مفيش حاجة اسمها في الأدوار أعلى و أقل، الراجل ماسك الست كويس و هو المتحكم و بيسمع الموسيقى كويس ، و الست بتتمايل مع الراجل و حاطة ثقة فيه و بتسمع الموسيقى كويس، و لازم يكون فيه موسيقى دخلت جوا دماغ الراجل و الست و لازم حركتهم تبقى على انغام الموسيقى عشان الصورة كلها تبقى كويسة، لو مفيش موسيقى مفيش رقصة أصلاً لو مفيش راجل و ست مفيش رقصة برضو، الحب زي الرقصه كده هو حركه تجاه الآخر و مع الآخر و في الآخر ، لازم تكون مليانه ثقه، و الآباء الشرقيون استخدموا لفظ يوناني معناه "رقصة/ حركة" و كانوا بيتكلموا ان كل من الأب و الابن و الروح القدس "بيحتضن الآخر جواه"، الفعل الثالوثي زي الرقصة اللي اتكلمنا عنها، الله الثالوث بيتحرك حركة واحدة و كل شخص هو موجود عشان الصورة تكتمل، الثالوث مش"أفراد" كل واحد بيعمل حاجة في حاله، الثالوث "أشخاص" في علاقة حب و حركه و رقصه، من خلالها بنفهم ازاي ثلاث اشخاص يعملوا عمل واحد، الثلاثة كل واحد فيهم محتضن الاثنين الآخرين داخله، كل واحد فيهم واثق في الاثنين الآخرين، كل واحد فيهم بيمجد الاثنين الآخرين، الثالوث مثل رقصه من خلالها نفهم و نرى الصورة، بالثالوث نرى الجمال بدونه مفيش رقصه مفيش جمال

الثالوث و العيله و العنف ضد المرأة و الانسانية

المسيحية ليست مجرد إيمان بأن الله هو ذاته ثالوث. إذ ما يهمني إن كان الله ذاته واحداً أم ثالوثاً!! فالثالوث هو تعبير عن حياة الله فينا كما هو في ذاته... المطران كيرلس سليم بسترس

ايه اللي يفرق معانا لما يكون في الله الوحدانية و التمايز؟! بص في أي علاقة بشرية فيه "أنا-آخر"، مثلاً في العيلة، فيه أب و أم و ابن/ بنت، فيه تمايز في دور كل واحد بس للأسف في الواقع فيه اقصاء من الأب لإرداة الابن و البنت و الأب بيحب يدخل ابنه كليه كذا و يزوج بنته بكذا ، الأب بيدوس على الأم لانها مش فاهمه زي الراجل اللي هو فاهم كل حاجة لأن "النسوان مش بيفهموا"، و "بيكسرلها ضلع عشان يطلع عشرة"، و الأم بتدوس على ابنها/ بنتها عشان تفرغ كتله الغضب، لو حطينا الثالوث كمعيار للعائلة، الأب حيتحول من دكتاتور إلى الأب المحب الباذال كل ما عنده،، الأب مش حيجبر أولادة عشان يخشوا الكلية اللي هو عايزها، و لا حيمحي شخصيتهم و يخليهم نسخة من سيادته، الأم حيتفهم دورها أنها انسانية كاملة الأهلية و آرائها مهمة و مفيده و ضرورية، الاطفال لو علمناهم أن وجودهم في الأسرة هو عنصر هام مش مجرد عضو زيادة حيفهموا قيمة نفسهم، الأب مش حيدوس على مراته عشان هي متمايزة عنه في الطبيعة و طريقة التفكير، ده حيبقى وجود الأم كنز للأب عشان الأب ليه طريقه تفكير الذكور الشموليه، بينما الأم ليها طريقة التفكير التفصيلية، السؤال الأزلي الأبدي بتاع الأم تحب مين أكثر؟الأب و لا الابن؟ ده ينتهي لما ندرك أن الحب بين الأشخاص في الثالوث هو واحد بدون تفرقه، احنا ليه عائلتنا متبهدله عشان الأدوار، كل واحد هو "فرد"، وجودة و تحقيق رأيه لازم يتحقق من خلال "فرم" الآخر، طبق كده على كل جانب في الحياة، احنا فيه بينا تمايز، هل التمايز ده وحش؟! لو ادركنا أن مبدأ "التمايز/الوحدة" هو موجود في الله حنحترم اختلافتنا و تمايزنا، فعلياً احنا عمرنا ما حنحب حب غير مشروط و لا حنكون واحد في الكينونة مع بعض، لكن احنا فينا صورة من الثالوث و مدعويين نكون على مثاله، كلنا طبيعة إنسانية واحدة بيجمعنا أخلاقيات واحدة زي الصدق الأمانة و الإخلاص ... إلخ و رفضنا كلنا للجريمة و الاغتصاب ... إلخ، بس للأسف لسه مش عارفين نقدر اختلافتنا و تمايزنا لككنا مدعويين لتقديرها لهذا التمايز و الأهم اننا نسعى للوحدة في الفكر و الهدف و الغاية، طبعاً عمرنا ما حنحققها بكمالها على الأرض، لكننا كل يوم بنسعى في تخقيقها، بلغة يسوع احنا بنبني الملكوت اللي يسوع افتتحه، و الملكوت حيكتمل بناءه بمجئ المسيح الثاني و بكده نبدأ في اكتمال الصورة و اكتمال تحقيق المثل، من خلال وحده شعب الله مع العريس.

الخلاصة

هل الله واحد و لا ثلاثة؟ الله هو سر الوحدانية و التعدديه، به و من خلاله بنفهم التعددية اللي في الكون و الخليقة و بيننا و بنفهم أكثر الوحدانية اللي احنا مدعويين ليها، جلال الدين الرومي قال أن الطريقة اللي بنشوف بيها الله هي "انعكاس" للطريقة اللي بنشوف بيها أنفسنا، احنا للأسف لطخنا "فرديتنا" و "أنانيتنا" على الله، فبدل لما يغير شكلنا احنا شوهنا صورته، احنا مش حنشوف انفسنا بالطريقة الصحيحة إلا لما نبص على الثالوث، نفهم أن التمايز اللي موجود في الخليقة هو انعكاس للتمايز موجود في الله و برضو لأن الله هو في وحدانية الكيان الفريدة و الغير موصوفة و الغير مدركة، فهو بيدعونا أننا نكون "واحد" في الهدف و الغاية و القلب ... إلخ  نتحول من "أفراد" إلى "أشخاص"، مش حنوصل للكلام ده أبداً بالصورة "الكاملة" لكنها هي ديه دعوتنا الأبدية للأبدية

ملحوظتين

1- المسيح بعد قيامته كشف لتلاميذه عن شخصة و عن الروح القدس، و الكنيسة أختبرت الروح و أدركت حضوره و إلوهيته، من الآخر المسيحيين مخترعوش الكلام ده لكن يسوع كشفه ليهم، طيب صدقوه ليه؟ عشان المسيح قام و ده دليل على صدق كلامه عن شخصه و عن الروح القدس اللي حيجي بعد. من الآخر المسيحيين -لو ينفع نقول انهم- كانوا "مجبرين" على الايمان بالثالوث لأن ده الإعلان اللي أعلنه المسيح و طالبهم أنهم يختبروه في حياتهم.

2- تشرح إزاي الثالوث لشخص غير مسيحي، متشرحلوش! آه، عيش الايمان الثالوثي الأول و اختبره في حياتك الشخصية و الأسرية و الكنسية و لو حد سألك الكتب موجودة، سيبك من فكره أصل حيتقال كذا و كذا، خلي عندك هوية و بعدين ابتدي عبر عنها، الرجل العاقل يبني بيته على الصخر، ميهملش اعلان عن حلاوة و جمال البيت و هو لسه مسكنش فيه. 





1 comment:

  1. مقالة جميلة وشعبية ممكن كل واحد سواء شخص او فرد يفهمها

    ReplyDelete